الأقسام الشائعة



الرد المبين علي التكفيري محمد بن عبدالعليم- 
كتبه / حسن محمد الصاوي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم .

فهذا البحث رداً على المدعو محمد بن عبدالعليم ماضي والذي يكفر حكام المسلمين من أجل استعانتهم بالكافرين في قتال الخوارج المارقين كداعش وأمثالهم من المجرمين .
يقول الجهول فض الله فاه " إن مظاهرة المشركين علي المسلمين كفر بلا تفصيل " .
فيكفر كل من شارك في الحرب ضد داعش الخارجية مع دول التحالف من حكام وجيوش المسلمين ويقول عن داعش الخارجية هم على الحق ويدعوا إلي الخلافة الإسلامية ؟.

كما يتهم العلماء القائلين بالتفرقة بين التولي والمولاة أنهم (مرجئة وجهمية)!!

ويصرخ متوعداً (اتقوا الله لن ينفعكم الملك عبدالله ولا غيره .. ), ويبتر النصوص موهماً السامع أن المسألة مستقرة عند أهل العلم وانه لم يأتي بشيء من عنده وإنما هي أقوال أهل العلم.. الخ هذه الجهالات
-فأقول –ومتى عرفت لأهل العلم قدراً أيها الجاهل !!

ولعل ما قاله العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ينطبق عليه تماما !!

قال "إنما أشكل الأمر وخفيت المعاني والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولَّدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن.

ولهذا قال الحسن رضي الله عنه: من العجمة أتوا.



ودونك تفصيل المسألة لمن أراد أن يعرف الحق : 
-
أجاز بعض أهل العلم الاستعانة بالمشركين في قتال المشركين أو البغاة من المسلمين عند الحاجة أو الضرورة لقوله جل وعلا: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} - سورة الأنعام الآية 119.

- قال الشافعي رحمه الله نقلا عن طائفة من أهل العلم أنهم أجازوا ذلك بشرطين أحدهما: أن يكون في المسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك . 
والثاني : أن يعلم من المشركين حسن رأي في الإسلام وميل إليه . وأن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين .

- واحتجوا أيضا بما رواه أحمد وأبو داود عن ذي مخمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((ستصالحون الروم صلحاً آمنا وتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون)) الحديث . ولم يذمهم على ذلك فدل على الجواز ، وهو محمول على الحاجة أو الضرورة كما تقدم .

- وقال المجد ابن تيمية في المحرر في الفقه ج2 ص171 ما نصه : (ولا يستعين بالمشركين إلا لضرورة ، وعنه إن قوي جيشه عليهم وعلى العدو ولو كانوا معه ولهم حسن رأي في الإسلام جاز وإلا فلا ) انتهى .

- وقال : الموفق في المقنع ج1 ص492 ما نصه : ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة . 
-
وقال في المغني ج8 ص 414 - 415 فصل : ولا يستعان بمشرك ، وبهذا قال ابن المنذر والجوزجاني وجماعة من أهل العلم ، وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة به ، وكلام الخرقي يدل عليه أيضا عند الحاجة ، وهو مذهب الشافعي لحديث الزهري الذي ذكرناه ، وخبر صفوان بن أمية ، ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين فإن كان غير مأمون عليهم لم تجز الاستعانة به .

وتوجيه حديث عائشة رضي الله عنها الذي قالت فيه : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر حتى إذا كان بِحَرِّة الوَبَرَة أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة ونجدة فسر المسلمون به فقال يا رسول الله جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أتؤمن بالله ورسوله)) ؟ قال لا - قال ((فارجع فلن أستعين بمشرك)) ..

قال الحافظ في التلخيص ج4 ص100- 101 بعدما ذكر الأحاديث الواردة في جواز الاستعانة بالمشركين والأحاديث المانعة من ذلك ما نصه : 
ويجمع بينه -يعني حديث عائشة - وبين حديث صفوان بن أمية ومرسل الزهري بأوجه ذكرها المصنف منها ما ذكره البيهقي : أن النبي صلى الله عليه وسلم تفرس فيه الرغبة في الإسلام فرده رجاء أن يسلم فصدق ظنه . 
أو : أن الأمر فيه إلى رأي الإمام .
أو : أن الاستعانة كانت ممنوعة ثم رخص فيها وهذا أقربها وعليه نص الشافعي .

- وقال في الفروع ج6 ص 49 - 50 ما نصه : (ويكره أن يستعين بكافر إلا لضرورة ، وذكر جماعة : لحاجة ، وعنه يجوز مع رأي فينا ، زاد جماعة وجزم به في المحرر.

- وقال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام ج4 ص 49-50 على شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها : ((ارجع فلن أستعين بمشرك)) ما نصه : والحديث من أدلة من قال : لا يجوز الاستعانة بالمشرك في القتال ، وهو قول طائفة من أهل العلم ، وذهب الهادوية وأبو حنيفة وأصحابه إلى جواز ذلك ، قالوا : لأنه صلى الله عليه وسلم استعان بصفوان بن أمية يوم حنين ، واستعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم (أي قسم لهم من الغنيمة )، أخرجه أبو داود والترمذي 
قال المصنف : ويجمع بين الروايات بأن الذي رده يوم بدر تفرس فيه الرغبة في الإسلام فرده رجاء أن يسلم فصدق ظنه ، أو أن الاستعانة كانت ممنوعة فرخص فيها ، وهذا أقرب . وقد استعان يوم حنين بجماعة من المشركين تألفهم بالغنائم .

-وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم  قوله صلى الله عليه وسلم ((ارجع فلن أستعين بمشرك)) وقد جاء في الحديث الأخر أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه فاخذ طائفة من أهل العلم بالحديث الأول علي إطلاقه , وقال الشافعي وآخرون : إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعانة أستعين به وإلا فيكره ، وحمل الحديثين علي هذين الحالين )) شرح صحيح مسلم جزء 11-12,ص403,تحت حديث رقم:4677)

هذه بعض أقوال أهل العلم ودلالتها واضحة انه من جواز الاستعانة بالكافر للضرورة .

وأما علماءنا وأئمتنا المعاصرين فأقوالهم وفتاويهم كثيرة اذكر منها :
وابدأ بالعلامة بن باز الذي أخذ من فتاويه ما يروق له وقال عنه متهكماً "يمكن لأنه اعمي !!" .

- قال الإمام السلفي ابن باز رحمه الله : ( وأما ما وقع من الحكومة السعودية من طلب الاستعانة من دول شتى للدفاع وحماية أقطار المسلمين؛ لأن عدوهم لا يؤمن هجومه عليهم، كما هجم على دولة الكويت - فهذا لا بأس به، وقد صدر من هيئة كبار العلماء- وأنا واحد منهم- بيان بذلك أذيع في الإذاعة ونشر في الصحف، وهذا لا شك في جوازه، إذ لا بأس أن يستعين المسلمون بغيرهم للدفاع عن بلاد المسلمين وحمايتهم وصد العدوان عنهم ، وليس هذا من نصر الكفار على المسلمين الذي ذكره العلماء في باب حكم المرتد، فذاك أن ينصر المسلم الكافر على إخوانه المسلمين، فهذا هو الذي لا يجوز، أما أن يستعين المسلم بكافر ليدفع شر كافر آخر أو مسلم معتد ، أو يخشى عدوانه فهذا لا بأس به وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه استعان بدروع أخذها من صفوان بن أمية استعارها منه - وكان صفوان كافرًا - في قتال له لثقيف يوم حنين ، وكانت خزاعة مسلمها وكافرها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتاله لكفار قريش يوم الفتح، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إنكم تصالحون الروم صلحًا آمنًا ثم تقاتلون أنتم وهم عدوًّا من ورائكم فهذا معناه الاستعانة بهم على قتال العدو الذي من ورائنا.
والمقصود أن الدفاع عن المسلمين وعن بلادهم يجوز أن يكون ذلك بقوة مسلمة، وبمساعدة من نصارى أو غيرهم عن طريق السلاح، وعن طريق الجيش الذي يعين المسلمين على صد العدوان عنهم، وعلى حماية بلادهم من شر أعدائهم ومكائدهم.
والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ) فأمرنا بأخذ الحذر من أعدائنا وقال عز وجل: ( وأعدوا لهم ) أي للأعداء الكفار ( ما استطعتم من قوة ) وهكذا من يعتدي علينا ولو كان مسلمًا أو ينتسب إلى الإسلام ، فإذا خشي المسلمون عدوانه جاز لهم أيضًا أن يستعينوا بمن يستطيعون الاستعانة به لصد عدوان الكافر ولصد عدوان المعتدي وظلمه عن بلاد المسلمين وعن حرماتهم ) .أهـ

- وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى :{{يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}} * 
سؤال :هل من الموالاة أن نستعين بهم على أعدائنا ؟
الجواب: لا، لكن إذا احتجنا إليهم نستعين بهم، بشرط أن نأمن خيانتهم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان له حلفاء حين عقد الصلح مع المشركين، وحلفاؤه خزاعة، كانوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، حتى إن قريشاً لما اعتدت على خزاعة، وهم كفار اعتبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك نقضاً للعهد، وغزا قريشاً، فالمهم أن الاستعانة بهم إذا دعت الحاجة إليها جائزة بشرط أن نأمن خيانتهم، فإن لم نأمن فإنه لا يجوز.
-
وقال أيضاً : ( على كل حال: من هنا نعرف أن كلمة الموالاة التي نهى الله عنها هي موالاتهم في المناصرة والمعاونة، بما يعود عليهم بالنفع فهذا حرام، لكن ـ كما تقدم ـ إذا عاوناهم وناصرناهم على من هو أشد إيذاءً للمسلمين منهم فهذا لا بأس به ) .

- وهذا أيضاً للإمام ابن باز رحمه الله
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله : " فإن الاستعانة بالكفار على من تعدى وظلم يجوز على الكفار أو على أي متعد وظالم، والذي لا يجوز هو أن ينصر كفار على مسلمين، أما هذا الوضع فهو يحمي المسلمين وأراضيهم من المجرمين والمعتدين والكافرين، وفرق بين الاثنين، بين إنسان ينصر الكفار على المسلمين ويعينهم على المسلمين وهذه هي الردة، لا تجوز، وهذا منكر.
أما كما هو الحال بالمملكة من الاستعانة بالكفار لردع المعتدي وصده، سواء كان كافرا أو مسلما عن بلاد الإسلام والمقدسات فهذا أمر مطلوب ولازم؛ لأنه لحماية المسلمين ورد الأذى عنهم، سواء كان كافرا أو مسلما ". انتهى (مجموع الفتاوى 18/169

- وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : فى حكم الاستعانة بالكافر. 
السائل: هذا سائل يقول يوجد من بعض طلبة العلم اليوم من يقولون إن الإستعانة بالمشركين تعتبر من موالاتهم وأن ذلك كفر لأن الإستعانة بالكافر تعتبر كفر، فهل هذه المسألة تعتبر من المسائل الإجتهادية ؟ أم هي من المسائل التي يعقد عليها الولاء والبراء نرجو التوضيح ؟

الجواب: هذا الكلام كلام جاهل لا يدري ما يقول، ليس الإستعانة بهم عند الحاجة والضرورة من الموالاة هذا من التعامل معهم، مثل ما نشتري منهم السلاح، ومثل ما نشتري منهم البضائع والمنتجات، هذا من تبادل المصالح وليس هو من الموالاة، الموالاة هي المحبة، فنحن نستعين بهم وإن كنا لا نحبهم، من أجل الضرورة فقط ومن أجل مصلحتهم هم لأنهم يأخذون منا مقابل ما هم يساعدوننا مجاني، يأخذون منا مقابل، فهذا من التعامل يا أخي وليس من الموالاة .
وعلى المسلم أنه يتقي الله ولا يقول بغير علم ولا يفتي بغير علم ولا يخالف أهل العلم وليس هذا من الإجتهاد هذا فيه أدلة ما دام فيه أدلة فهذا منصوص عليه ليس هو من الإجتهاد الذي هو الإستنباط فقط إنما هو قول بدليل كما ذكرنا لكم، لكن كما ذكرت على الجاهل أن يسكت لا سيما في هذه الأمور المهمة ولا يدخل فيها بتخرص أو بجهل ويحكم بالكفر قد رأيتم من حكم بالكفر والعياذ بالله وهذا يرجع إليه هو والخطر عليه هو فلا يجوز للإنسان أن يتخرص في هذه المسائل ويقول على الله بغير علم ويتهم العلماء نعم .



* الفرق بين الموالاة والاستعانة : 
-
قال الإمام ابن باز رحمه الله : بعض الناس قد يظن أن الاستعانة بأهل الشرك تعتبر موالاة لهم، وليس الأمر كذلك، فالاستعانة شيء، والموالاة شيء آخر، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حين استعان بالمطعم بن عدي، أو بعبد الله بن أريقط، أو بيهود خيبر مواليًا لأهل الشرك، ولا متخذًا لهم بطانة، وإنما فعل ذلك للحاجة إليهم، واستخدامهم في أمور تنفع المسلمين ولا تضرهم، وهكذا بعثه المهاجرين من مكة إلى بلاد الحبشة ليس ذلك موالاة للنصارى، وإنما فعل ذلك لمصلحة المسلمين، وتخفيف الشر عنهم، فيجب على المسلم أن يفرق بين ما فرق الله بينه، وأن ينزل الأدلة منازلها، والله سبحانه الموفق والهادي، لا إله غيره ولا رب سواه. مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله.(7/364) و(18/436) و(25/383).

  
- وهذا كلام مفرغ للشيخ الفوزان في مسالة الاستعانة :

في شرح كتاب الجهاد من بلوغ المرام "الدرس الثالث" جواز الاستعانة بالكفار لصد العدو الصائل:

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ تبعه في يوم بدر (إرجع فلن نستعين بمشرك) .رواه مسلم
شرح الشيخ: هذا رجل من المشركين كان قوياً وجلداً في الحروب ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وهي أول الغزوات، أول الغزوات بعد الهجرة جاء هذا المشرك يريد الذهاب معه قال (أخرج معك)، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أخرج معك لأصيب منهم) يعني قصده الأموال والغنيمة وفرح الصحابة لما رأوه، لما يعلمون من قوته وجلده فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتؤمن بالله ؟ قال: لا، قال: إرجع فإني لا أستعين بمشرك) ثم إن الرجل هداه الله وأسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالمشاركة معهم في الجهاد .
استدل العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجوز للمسلمين أن يستعينوا بالكفار في القتال لأن الكافر لا يُؤمن، لا يُؤمن أن يأخذ أسرار المسلمين، ولا يُؤمن في القتال، لا تجوز الإستعانة بهم وهذا قول كثيرٍ من أهل العلم أنه لا تجوز الإستعانة بالمشركين مطلقاً، اختاره شيخ الإسلام أبن تيمية عملاً بهذا الحديث .
والقول الثاني: أنه تجوز الإستعانة بالمشركين عند الضرورة إذا احتاج المسلمون إلى ذلك لقتال عدوهم وكان المشرك ذا رأي وذا شجاعة ولا يخاف على المسلمين منه يعني حسن الرأي في المسلمين فلا مانع من الإستعانة به لأن النبي صلى الله عليه وسلم إستعان بالمشركين في غزوة حنين فإنه خرج معه إلى غزوة حنين ناس من أهل مكة لم يسلموا ومنهم صفوان بن أمية خرج قبل أن يسلم وأستعار منه النبي صلى الله عليه وسلم أذرعاً، استعار منه أذراعا من حديد , وغيرهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلموا فهذا دليل على جواز الإستعانة بالمشركين عند الحاجة أو عند الضرورة، -اختار هذا أبن القيم في زاد المعاد، وجماعة من أهل العلم أنه عند الضرورة لا بأس - بشرط أن يُؤمن جانب هذا المشرك أو هؤلاء المشركين الذين يستعان بهم، ولأنه قد يكونون أصلح للمسلمين من ناحية العدو لأنهم يعرفون أسرار العدو وأسرار الكفار ويروقون على أمورهم أكثر من المسلمين نعم .

وهذه مسألة، مسألة الإستعانة بالمشركين حصلت في غزو العراق للخليج منذ سنوات، حصلت عندما غزا العراق دول الخليج منذ سنوات كما تعلمون وأرادت دول الكفر أن تقاتلهم على المسلمين فحصل بحث في هذا الموضوع وتوصل العلماء إلى أنه يجوز الإستعانة بالمشركين في هذه الحالة لأن العدو أقوى منهم ولا يقدرون على قتالهم إلا بإعانة هؤلاء لما عندهم من السلاح والقوة فأجازوا الإستعانة بهم في قتال هذا العدو الكافر المشرك وكانت النتيجة ولله الحمد نتيجة طيبة هزم الله هذا العدو، والعدو المستعان بهم من الكفار أرتحلوا لما أنتهت المهمة رجعوا إلى بلادهم فصارت المصلحة في هذه الفتوى والحمد لله نعم . 



- ثم انه ليس كل مولاة كفراً علي العموم :

وحديث حاطب بن أبي بلتعة خير شاهد : عن عَلِىّ بن أبي طالب قال، بَعَثَنِى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، قَالَ: (انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً، وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا) ، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِى الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِها الرسول (صلى الله عليه وسلم) فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) : (يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا) ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا تَعْجَلْ عَلَىَّ إِنِّى كُنْتُ أمْرَا مُلْصَقًا فِى قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِنْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلا ارْتِدَادًا، أوْ لاَ أَرْضَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإسْلامِ، فَقَالَ النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) : (قَدْ صَدَقَكُمْ) ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، قَالَ: (إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) . أخرج حديث قصة حاطب رضي الله عنه البخاري في الجهاد، باب الجاسوس 3007، ومسلم في الفضائل2494،

وجه الدلالة من الحديث :

-     انه أعان كفار قريش حين كاتبهم بخبر غزو النبي صلى الله عليه وسلم لهم

-     لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفره .

-     لم يوافق النبي صلى الله عليه وسلم عمر في تكفيره لحاطب .

-     لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم تكفير حاطب إلا لعزر انه قصد الدنيا بإعانته حيث اعتذر بأنه يريد أن تكون له يد علي قريش ليحمي أهله الذين بمكة وهذه مصلحة دنيوية وقبل النبي صلى الله عليه وسلم منه هذا الاعتذار .



* كلام أهل العلم في قصة حاطب رضي الله عنه :

-     قال الحافظ بن كثير رحمه الله – في تفسيره 4/410" قبل رسول الله عذر حاطب لما ذكر انه انما فعل ذلك مصانعة لقريش لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد " اهـ

- وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بعد ذكره لقصة حاطب ونزول صدر سورة الممتحنة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآيات في شأن حاطب، قال: "فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان، ووصفه به، وتناوله النهي بعمومه, وله خصوص السبب، الدال على إرادته، مع أن في الآية الكريمة ما يشعر أن فعل حاطب نوع موالاة، وأنه أبلغ إليهم بالمودة، وأن فاعل ذلك قد ضل سواء السبيل، لكن قوله: " صدقكم، خلوا سبيله " ظاهر في أنه لا يكفر بذلك، إذ كان مؤمناً بالله ورسوله، غير شاك ولا مرتاب، وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي، ولو كفر لما قال: خلوا سبيله.
ولا يقال، قوله صلى الله عليه وسلم: " ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم " هو المانع من تكفيره؛ لأنا نقول: لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من لحاق الكفر وأحكامه؛ فإن الكفر يهدم ما قبله، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] ، وقوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88] والكفر محبط للحسنات والإيمان بالإجماع؛ فلا يظن هذا.
وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51] ، وقوله: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] ، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57] فقد فسَّرته السنة وقيَّدته وخصَّته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل الموالاة هو: الحب، والنصرة، والصداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم، وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفي غيره؛ وإنما أشكل الأمر وخفيت المعاني والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولَّدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن.
ولهذا قال الحسن رضي الله عنه: من العجمة أتوا. وقال عمرو بن العلاء لعمرو بن عبيد لما ناظره في مسألة خلود أهل الكبائر في النار، واحتج ابن عبيد: أن هذا وعد، والله لا يخلف وعده، يشير إلى ما في القرآن من الوعيد على بعض الكبائر والذنوب بالنار والخلود؛ فقال له ابن العلاء: من العجمة أُتيتَ، هذا وعيد لا وعد، وأنشد قول الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلفٌ إيعادي ومنجز موعدي
وقال بعض الأئمة فيما نقل البخاري أو غيره: إن من سعادة الأعجمي والعربي إذا أسلما أن يُوفَّقا لصاحب سنة، وإن من شقاوتهما أن يمتحنا وييسرا لصاحب هوى وبدعة". انتهى كلام الشيخ عبد اللطيف رحمه الله.

        
 - وقال شيخنا عبد العزيز بن باز في مجموع فتاوى "جمع الإفتاء 1/274". ومن أطلق من العلماء المتأخرين حكاية هذا الإجماع على كفر من أعان الكفار فيحمل على من أعانهم محبةً لهم ورغبةً في ظهورهم على المسلمين، ولا يصح حمله على عموم الإعانة مهما كان الحامل عليها؛ لأن في ذلك دعوى الإجماع على ما حكى بعض العلماء المتقدمين الإجماع على ضده وهو " تحريم قتل الجاسوس "، نقل ذلك الحافظ في الفتح 12/310 عن الإمام الطحاوي أنه حكى الإجماع على أن الجاسوس المسلم لا يُباح دمه أي أنه غير مرتد، فلا يقام عليه حد الردة، ولا يقتل تعزيراً، وحكى القرطبيُّ في المفهم 3/47، و7/440-442، والقاضي عياض في إكمال المعلم 6/71، و7/539، وابن الملقن في الإعلام 10/322، والحافظ في الفتح 12/310 هذا القول عن الجمهور، وذكروا أن بعض أهل العلم قالوا بجواز قتله تعزيراً. وينظر: المعلم 3/160، كشف المشكل 1/141، معالم السنن 4/4، عارضة الأحوذي 12/193، زاد المعاد 3/114، 115، الفروع: التعزير 6/113-115، كشاف القناع: التعزير 6/126.

ومستند هذا الإجماع: أن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه قد جسَّ على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين في غزوة فتح مكة، فكتب كتاباً إلى مشركي مكة يخبرهم فيه بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد أخفى وجهة سيره، لئلا تستعد قريش للقتال، وكان الدافع لحاطب رضي الله عنه لكتابة هذا الكتاب هو مصلحة شخصية، ومع ذلك لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بردته، ولم يُقمْ عليه حدَّ الردة"1"، فدلَّ ذلك على أن ما عمله ليس كفراً مخرجاً من الملة.


- وقال النووي في شرح مسلم 16/57،56 عند شرحه لقصة حاطب: "قال العلماء: معناه الغفران لهم أي لأهل بدر في الآخرة، وإلا فلو توجَّه على أحد منهم حد أو غيره أُقيم عليه في الدنيا، ونقل القاضي عياض الإجماعَ على إقامة الحد، وأقامه عمر على بعضهم، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مِسْطحاً الحد وكان بدرياً"، وقد حكى الإجماع أيضاً على وجوب إقامة الحدود على أهل بدر ابن بطال في شرح البخاري 8/597، والحافظ في الفتح 7/306، والعيني في عمدة القاري 24/95، وقد يكون نقله عن التوضيح، ونقل قول النووي ابن مفلح في الفروع 6/115 وعلي القاري في المرقاة 5/631 مقرَّين له.

-  قال ابن العربي في تفسير أول سورة الممتحنة: "من كثر تطلعه على عورات المسلمين ويُنبِّه ويُعَرِّف عدوَّهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافراً إذا كان فعله لغرض دنيوي واعتقاده على ذلك سليم، كما فعل حاطب بن أبي بلتعة حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينوِ الردة عن الدين"، وقد ذكر مثل هذا القول أبوعبد الله القرطبي في تفسيره.

-  وقال أبوالعباس القرطبي في المفهم 6/442 عند شرحه لقصة حاطب: "ومن جملة ما فيه من الفقه: أن ارتكاب الكبيرة لا يكون كفراً"، وقال القاضي عياض 7/395: "فيه أن التجسس لا يخرج عن الإيمان"، وقال النووي في شرح مسلم 16/55: "فيه أن الجاسوس وغيره من أصحاب الذنوب الكبائر لا يكفرون بذلك، وهذا الجنس كبيرة قطعاً؛ لأنه يتضمن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كبيرة بلا شك، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [الأحزاب:57] "

- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى 7/523 عند كلامه على الكفار: "وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة، فتكون ذنباً ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:1] ، وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أُبَي في قصة الإفك، فقال لسعد بن معاذ: والله لا تقتله، ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية. ولهذه الشبهة سَمَّى عمرُ حاطباً منافقاً.. فكان عمر متأولاً في تسميته منافقاً للشبهة التي فعلها".
قلت (القرطبي ): ولهذا التأويل من عمر مع أن عمل حاطب ليس ردة أورد البخاري قصته في الأدب باب من لم ير إكفار من قال ذلك أي قال لأخيه: يا كافر ونحوه متأولاً، وفي استتابة المرتدين باب في المتأولين.
- وقال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد 3/424،423 بعد ذكره لهذه القصة: "وفيها: أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية".

فإذا ثبت أن ما فعله حاطب رضي الله عنه ليس ردة وهذا مجمع عليه مع أن رسالته لو وصلت إلى مشركي مكة لاستعدَّت قريش للحرب، وهذا خلاف ما قصد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من تعمية خبر غزوه لهم، فما عمله حاطب رضي الله عنه إعانةٌ عظيمة للكفار في حربهم للمسلمين في غزوة من أهم الغزوات الفاصلة في الإسلام إذا ثبت ذلك عُلم أن الإعانة لا تكون كفراً حتى يكون الحامل عليها محبة الكفار والرغبة في انتصارهم على المسلمين،

وعلم أن القول بأن إعانة الكفار على المسلمين كفر وردة مهما كان الحامل عليها كما هو ظاهر كلام ابن حزم في المحلى 11/198 مستدلاً ببعض أحاديث الوعيد فيه نظر ظاهر.
وينظر: كلام الشيخ عبد اللطيف السابق، ففيه تفصيل وتجليه لهذه المسألة.
وهذا التفصيل في أوجه الإعانة المذكور هو ما يدل عليه مجموع الأدلة الواردة في هذه المسألة،.

وهذا آخر ما تيسر نقله من كلام أهل العلم ، والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

!!!

كتبه / حسن بن محمد الصاوي