الأقسام الشائعة




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»([1])، وكان على رأس المائة السابعة(بداية القرن الثامن) شيخ الإسلام الإمام الهمام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام ابن تيمية المولود عام 661هـ والمتوفى سنة 728هـ.
وقد لهجت ألسنة علماء السنة من نهاية القرن السابع بالثناء عليه، والرفع من شأنه، وبيان علو منزلته، وعده من أكابر علماء أهل السنة، وعلم من أعلام الطائفة المنصورة، وما زال العلماء من عصره إلى عصرنا يعرفون له فضله، ولا يغلون فيه، بل عمدتهم ومرجعهم كتاب ربنا عز وجل، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وينهلون من علوم أئمة الإسلام جميعاً، ولا يخصون شيخ الإسلام ابن تيمية دون غيره من علماء السنة، ولا يتنقصون من قدره ولا من قدر أعلام السنة، بل يحبون علماء السنة جميعاً ويتولونهم، ويعادون من يعادي علماء السنة ويبغضونه.
وما زال أهل السنة يعترفون بتقدم شيخ الإسلام وإمامته في الدين كحال من سبقه أو جاء بعده من أئمة الإسلام، وما زال أهل البدع يعترفون بذلك لشيخ الإسلام، وما من عقيدة بدعية أبطلها شيخ الإسلام إلا وتجد المبتدعة ينقمون على شيخ الإسلام وينالون منه أعظم النيل لتوضيح الحق وبيانه، حتى عجزوا عن الرد عليه، ولم يملكوا إلا الخيانة والكذب والتزوير وقلب الحقائق، بل ومحاولة الدس في كتبه، بل ولجؤوا إلى محاولة كتم علمه ودفنه وأفتوا بحرق كتب شيخ الإسلام، وكذلك بمنعها من التداول، بل والمعاقبة لمن ينسخها أو يقتنيها.
ولقد مرَّت عصور يلمزون السلفي المتمسك بالمنهج السلفي الرشيد بأنه تيمي، حتى في عصرنا هذا ومثال ذلك ما وصف الغماري به شيخنا الألباني رحمه الله بأنه وهابي تيمي جلد!
وفي زماننا هذا نبتت نابتة تدعي السلفية تَتَنَكَّر لأئمة السلف ممن جاء بعد القرون الثلاثة، وتستقل بفهمها للآثار السلفية ضاربة بشرح علماء السنة ممن جاء بعد القرون الثلاثة عرض الحائط، فنتج عن ذلك الحط من أقدار الأئمة وأعلام الفرقة الناجية الفهم الباطل للآثار السلفية، وتحريف نصوص الكتاب والسنة لتتوافق مع تلك الأفهام السقيمة، والآراء الخلفية للآثار السلفية.
وهذه النابتة اشتهرت بشخص كان يسكن المدينة لفترة وجيزة، وعرف بالعزلة والغموض، وإظهار الزهادة والتقشف والتعبد واتباع الجنائز، ويسمى محمود الحداد، وقد اغتر به من اغتر بسبب ما يتظاهر به من نسك وعبادة وادعاء للغيرة على المنهج السلف.
وصار يهمز ويلمز بشيخ الإسلام ابن تيمية، ويعيبه في جهاده لأهل البدع، ويرميه بالإرجاء، ويطعن عليه لرده على أهل الكلام بما يفهمونه من الاحتجاجات العقلية والشرعية.
وقد فتح محمود الحداد باباً لهؤلاء الأدعياء ليحذوا حذوه في التنقص من أعلام الأمة، والجبال الراسيات في العلم وتكفيرهم وتضليلهم.
ولم يقتصر الحداد في طعنه على شيخ الإسلام بل تعداه إلى غيره، ولا سيما المعاصرين من علماء السنة حتى أنه كان يرى أنه أوحد الزمان، وفريد الدهر، ويكثر الدعاء بأنه لا يتركه الله الوحيدَ الفرد!
وهذا المنهج الفاسد الذي سلكه محمود الحداد، والبدعة التي أحدثها هذا المبتدع قد اغتر بها خلق، وتبعه عليها فئام من الناس، ولقد تنوعت مشاربهم، وتعددت طرائقهم وقد ذكرت طرفاً من ذلك في مقالي « كشف الأستار عن مذهب الحدادية الأشرار وعلاقتهم بالدواعش الفجار».
ونبهت في ذلك المقال على خطورة منهج الحدادية، وأنهم يسلكون مسلك الخوارج والدواعش، وأنهم مفسدون في الأرض.
وفي هذا المقال أبين شيئاً من الثمار الفاسدة لمحمود الحداد، والذين تبعوه في غلوه في قضية «اتهام شيخ الإسلام بالإرجاء»، وما يؤديه مسلكه للطعن في السلف وخيار الأمة، ولو أعمل قواعده وأصوله لطعن في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ولاعترض على النبي صلى الله عليه وسلم كما اعترض ذلك الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «اعدل يا محمد»، بل ولاعترض على الله عز وجل كما اعترض ذلك القدري «عمرو بن عبيد» على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم في حديث الصادق المصدوق.


عماد فراج وتكفيره لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

من أصحاب محمود الحداد، وممن ساهم في إخراجه من تقوقعه واعتزاله شاب مصري، كان تكفيرياً، ثم زعم أنه عرف السلفية في حدود 2005م، وبعد خمس سنوات من زعمه معرفة منهج السلف الصالح شق طريقه للزعامة، ولا أعلم أنه درس عند عالم، ولا تتلمذ عند شيخ سلفي، ولا تربى عند أستاذ حنيفي، بل شيخه كتابه كحال صاحبه محمود الحداد، ومع قلة قراءته واطلاعه وجد نفسه زعيماً لوكر من أوكار الحدادية وهو موقع «المغرب الأقصى السلفي»، ثم غيروه بعدُ إلى موقع «دعوة الحق» يقوم عليه بعض الأشخاص المدسوسين من المغاربة.
ومع جهله وقلة بضاعته في العلم وتزعمه لذلك الموقع إلا أنه كان يعتقد العذر بالجهل، ويناظر على ذلك، وتناظر هو وصاحبه الغامدي في هذه القضية وكل شخص منهما يدعي أن المسألة من الوضوح بمكان، بحيث يستغرب كل واحد منها عدم اتباع الآخر في عقيدته!
وبعد فترة من هذه المناظرة وهذا الخلاف مع صديقه الغامدي حصل لعماد فراج تحول جذري، وهذا بعد بداية الثورة المصرية فيما أظن، حيث إنه تنازع مع بعض أصحابه من صعيد مصر حول قضية القيام على الحاكم المسلم هل يجوز أم لا؟ فأجاز الفراج هذا الخروج، ومنعه أصحابه وتخاصموا.
ثم ظهر الفراج محققاً صحفياً مع محمود الحداد، ومخرجاً له من قمقمه في طنطا بمصر، ثم كثرت تهاويل عماد فراج.
ويظهر أن جميع تلك المسالك والمضايق التي أدخل نفسه فيها لم ترو غليله، ولم تشف علته، ولم يصل إلى مبتغاه في الزعامة والرئاسة بحيث يشار إليه بالبنان!
نعم كانت تظهر منه بعض العبارات طعنا في علماء السنة كالشيخ الألباني، والشيخ ربيع، والشيخ الفوزان، ومدار معظم طعونه على قضية «جنس العمل»، حتى أدخل عليه الشيطان قضية «عدم العذر بالجهل» بحيث وجدها وسيلة عظيمة ليكون أوحد زمانه، وفريد دهره، فأعلن عن مذهبه الجديد، ومسلكه الفريد في «الغلو بعدم العذر بالجهل»، بحيث إنه يجعل من يشترط إقامة الحجة لتكفير المعين قولاً كفرياً يلزم منه عدم تكفير عباد القبور، ويلزم منه أن من يشترط إقامة الحجة فإنه يعذر بالجهل، وعليه فرمى علماء الأمة بالكفر والضلال.
ولما تأمل عماد فراج في كلام علماء العصر، وكلام علماء نجد، وكلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وجدهم على خلاف هواه من بدعة الخوارج والغلو في التكفير، لذلك أخذ يعد العدة لحرب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن جاء بعده من أئمة الإسلام.
وأجلب عماد فراج على شيخ الإسلام ابن تيمية بخيله ورجله، فأخذ يبحث في مواقع وكتب الصوفية والروافض وأعداء التوحيد وأهل الشرك والكذب والبهتان عن مآخذهم على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فاجتمعت له مادة كبيرة من تحريفات وأكاذيب وأباطيل وجهالات أهل الشرك وأهل البدع والضلال، فاختار منها ما يتوافق مع هواه، وما يظن أنه يخدم منهجه الجديد، وبدعته الحدادية النكراء، وسردها في نحو ثمانين نقلاً يزعم أن كل نقل منها يكفر ويضلل من يقول به.
وسأكشف شبهاته، وأبين جهالاته وضلالاته بإذن الله فيما يأتي، ولكن قبل ذلك أقف قليلاً مع مقال له كتبه بعنوان: «الطبري والبخاري وأحمد» ينفي فيه عن تفسه تكفيره لأولئك الأئمة الثلاثة، مع اعترافه بتكفير شيخ الإسلام رحمه الله.
واخترت هذا المقال لأبين مدى الانحدار الخلقي، والضلال العقدي الذي وصل إليه هذا الضال المأفون.


وقفات مع عماد فراد في مقاله «الطبري والبخاري وأحمد»


1- قال عماد فراج في مقاله المذكور: «فالمداخلة فضلاً عن كفرهم وزندقتهم، معروفون بانحلالهم، وفساد أخلاقهم، وتجردهم من كل فضيلة، لذلك لا يتورعون عن إلصاق التهم بالشرفاء.
وقد جن جنونهم بالكلام في سيدهم ابن تيمية، وشرقت حلوقهم بانتشار الكلام فيه، وإظهار ضلالاته، لا سيما وهم عاجزون عن الدفاع عنه بالحجة والبيان، والعلم والبرهان، فليس عندهم إلا الصياح والعويل، والتباكي على شيخ الإسلام وعلم الأعلام، الذي يكفره عماد فراج» انتهى المراد منه.

التعليق من وجوه: 
الوجه الأول: يصرح عماد فراج بتكفير من يسميهم المداخلة، وهم الذي يعتقدون أن الشيخ ربيع بن هادي المدخلي عالم من علماء السنة، ويوالونه وينصرونه بالحق، كما يوالون وينصرون غيره من علماء السنة، ولا يتعصبون له.
وهو لقب معروف عن القطبيين يرمون به السلفيين الصادقين.
فهنا عماد فراج يكفر الشيخ ربيعا –وقد صرح بذلك في عدة مقالات-، ويكفر من يعتقد علمه وفضله وسلفيته، فيدخل في ذلك العلماء الذين زكوه من الأحياء والأموات، ولعماد فراج تصريحات كثيرة بتكفير علماء العصر جميعاً.
وهذا دليل ظاهر على غلوه، وإفراطه في منهج الخوارج.
الوجه الثاني: قال عماد فراج : «لا يتورعون عن إلصاق التهم بالشرفاء» وعماد فراج يقصد نفسه ومن يكون على شاكلته في فجوره وخروجه، لأنه يكفر كل من يخالفه حتى ممن يلتقي معه في منهج الحدادية ومنهج الخوارج، فهو قد كفر من يراهم شرفاء سابقاً ممن رد عليهم السلفيون، وقل لي بربك: من هؤلاء الذي يراهم عماد فراج شرفاء واتهمهم السلفيون بشتى التهم التي لا توجد فيهم؟!
فلا يتكلم السلفيون في الحدادية إلا بما فيهم.
الوجه الثالث: مما يؤكد أن عماد فراج على طريقة القطبيين في وصف السلفيين بالمداخلة زعمه أن «سيدهم ابن تيمية»، ومعلوم أن شيخ الإسلام ابن تيمية سيد من سادات المسلمين، وإمام من أئمة السنة عند السلفيين عامة، وليس عند الشيخ ربيع المدخلي وحده.
الوجه الرابع: قال عماد فراج: « وقد جن جنونهم بالكلام في سيدهم ابن تيمية، وشرقت حلوقهم بانتشار الكلام فيه، وإظهار ضلالاته».
إن كل سلفي شريف يغضب إذا انتهكت حرمات الله، ويتمعر وجهه إذا طعن طاعن في مسلم سلفي فكيف بإمام من أئمة السنة، وعلم من أعلام الهدى.
فالغضب للحق من صفات أهل الإيمان، قالت عائشة رضي الله عنها: «وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى، فينتقم لله عز وجل بها» ([2]).
فنشر عماد فراج لضلاله، ونشره لطعونه الفاجرة في شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من علماء السنة قد أغضب الموحدين، وآلم السلفيين، وما ازدادوا إلا محبة لشيخ الإسلام ابن تيمية ومعرفة لقدره وعلو شأنه، بحيث رماه أهل البدع عن قوس واحدة، ومع ذلك رفع الله ذكره بين أهل السنة، وأمات ذكر خصومه وأعدائه، ولا يذكرون إلا بالذم والتنقيص، كهذا الحدادي الأثيم عماد فراج ومن على شاكلته.
وليعلم أن الكلام في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واتهامه بالضلال بالكذب والافتراء منشور ومشهور من زمنه رحمه الله إلى زماننا هذا، ولم يَفْتُر أتباع الشيطان عن نشر أباطيلهم وكتاباتهم في الطعن والتكفير والتبديع لهذا الإمام العالم الكبير، ولكن ما زال أهل السنة لهم بالمرصاد، ويعتبرون الدفاع عن هذا الإمام من الجهاد في سبيل الله، ومن أجَلِّ العبادات والقربات التي يسلكها أهل السنة والإيمان.
وما زعمه وادعاه من ضلالات شيخ الإسلام ما هي إلا محض افتراءات وأباطيل يتناقلها أعداء السنة جيلاً بعد جيل {زخرف القول غروراً}.
الوجه الخامس: قال عماد فراج: «لا سيما وهم عاجزون عن الدفاع عنه بالحجة والبيان، والعلم والبرهان، فليس عندهم إلا الصياح والعويل، والتباكي على شيخ الإسلام وعلم الأعلام، الذي يكفره عماد فراج» انتهى.
أهل السنة كتبوا كتابات كثيرة، وألفوا مؤلفات وفيرة فيها الرد على هذه الأباطيل التي يفتريها أعداء السنة، وبينوا وهاء هذه الشبهات منها: 
كتاب «الصارم المنكي في الرد على السبكي» للإمام ابن عبد الهادي.
وله كذلك: «الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية» وهو المسمى بـ«العقود الدرية في مناقب ابن تيمية».
كتاب «التذكرة والاعتبار و الانتصار للأبرار» دفاعا عن شيخ الإسلام ابن تيمية. تأليف الشيخ عماد الدين أحمد بن إبراهيم الواسطي المعروف بـ ( ابن الشيخ الحزّامين ) وهو رد على بعض أشباه الحدادية في ذلك الزمان.
«الرد الوافر على من زعم أن من تسمى بشيخ الإسلام فهو كافر» لابن ناصر الدين الدمشقي.
وعليه تقريظات كثير من العلماء والمحدثين والفقهاء من شتى المذاهب. 
«جلاء العينين في محاكمة الأحمدين- أحمد ابن تيمية وأحمد ابن حجر الهيتمي» للألوسي.
كتاب «مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد» لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية لرد فرية أنه لا يكفر المعين مطلقاً! وهذه كفرية عماد فراج!
وكتاب «ابن تيمية السلفي ونقـده لمسالك المتكلمين والفلاسفة في الإلهيات» للشيخ محمد خليل هراس رحمه الله.
وكتاب «فصل الخطاب في رد مزاعم الغراب في الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية» وهو كتاب من عدة مجلدات للشيخ عبد القادر بن حبيب الله السندي رحمه الله. 
وغيرها من الكتب التي فندت شبهات أهل البدع الطاعنين في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
بل جميع كتب دعاة العقيدة السلفية هي انتصار للمنهج السلفي، والذي كان يدعو إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، والذي حاربه لأجله أهل البدع والضلال.
فليس ثمة عجز ولا توانٍ عند أهل السنة في الدفاع عن شيخ الإسلام، وكشف زيف مزاعم وافتراءات أهل البدع والضلال.
وقول عماد فراج: «الذي يكفره عماد فراج» اعتراف واضح من ضمن اعترافات كثيرة لهذا المجرم بتكفيره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

2- قال عماد فراج: «فهل فندوا الكلام فيه، وزيفوا التهم الموجهة إليه؟ اللهم لا. هل بينوا افترائي عليه، وإلصاقي به ما هو بريء منه؟ اللهم لا ».

التعليق من وجهين: 
الوجه الأول: أن عماد فراج لم يأت بجديد، فجميع شبهاته قد كشفها أهل السنة، وبينوا زيفها، وأعظم قضية يستند إليها عماد فراج في تكفيره أئمة الإسلام هي «غلوه في عدم العذر بالجهل»، وقد صنفت مصنفات في تفصيل هذه القضية، وكتبت فيها كتابات بأدلتها وبراهينها.
ومنها ما كتبه شيخنا العلامة محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله في قضية العذر بالجهل ([3]).
وقد جمع شيخنا الشيخ ربيع حفظه الله في مقاله : «عماد فراج الغالي في تكفير أهل السنة إنما هو ثمرة من ثمار فتنة الحدادية وتأصيلاتهم الباطلة» الأدلة الواضحة من الكتاب والسنة، ومن تصريحات فحول علماء الأمة المستمدة من الكتاب والسنة على العذر بالجهل، كما بين في عدة مقالات الخلاف بين العلماء في هذه المسألة، وعدم بغي بعضهم على بعض بسبب هذه القضية، بل ذكر احترام بعضهم لبعض؛ كاحترام العلماء بعضهم لبعض في اختلافهم في تكفير تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً.

الوجه الثاني: أن أهل السنة تأملوا في شبهاتك فوجدوها جمعاً لأكاذيب وشبهات وافتراءات الصوفية والرافضة والباطنية والمعتزلة والأشعرية والإباضية ومن على شاكلتهم من أهل البدع أعداء شيخ الإسلام، ووجدوا أن أهل السنة قد فندوا جميع الشبهات، وهذا ما ستراه بإذن الله عند تفنيدي لشبهاتك وكشفي لضلالاتك. والله الموفق.

3- وقال عماد فراج: «وسبب عجزهم عن ذلك، أن ما نسبته إليه من كفريات وضلالات، ثابتة عليه، لا يستطيع هو نفسه التملص منها، وليس أمام عبيده إلا الاعتراف بها. فسقط في أيديهم، ورأوا أن أنسب طريقة لصرف الناس عن معرفة بلايا ابن تيمية، تشويه من يتكلم فيه، والافتراء عليه - وهم لا يرعوون عن ذلك حيث لا دين يحجزهم - وتصوير من يتكلم فيه، بأن التكفير عنده هواية».

التعليق من وجوه: 
الوجه الأول: أن أهل السنة غير عاجزين عن كشف أباطيلك، بل هي واضحة البطلان، يعرف بطلانها كل متجرد للحق، عارف بمنهج السلف، ولا تحتاج لعناء كبير في ردها.
الوجه الثاني: من صفاقة هذا المجرم وغروره أنه يزعم أن شيخ الإسلام رحمه الله لا يستطيع التملص من أخطائه! وهذا كذب ظاهر، فالسلفيون قد بينوا وهاء وبطلان اتهاماتك لشيخ الإسلام بالضلال، وعرفوا أنك أفاك وصاحب بهتان، فكيف بشيخ الإسلام العلم الإمام لو اطلع على هذيانك وبهتانك؟!
الوجه الثالث: السلفيون عبيد لله عز وجل، ويَدْرُسُون ويُدَرِّسون كتاب العبودية لشيخ الإسلام الذي فيه الدعوة للتوحيد، ولإفراد الله وحده بالعبادة.
وحب المؤمنين لعلمائهم، ودفاعهم عنهم بالحق عبادة لله عز وجل، وليست عبادة لهذا العالم أو ذاك كما هو معلوم.
الوجه الرابع: لا يحتاج أهل السنة أن يفتروا عليك، ولا أن يشوهوا سمعتك إذ هي مشوهة، وحالك مفضوح، وضلالك وزيغك مكشوف.
وكفى بتكفيرك لعلماء السنة من عصر شيخ الإسلام ابن تيمية إلى يومنا هذا ضلالا وعاراً..
الوجه الخامس: إذا كان كل هذا التسرع في التكفير، ووصف أعلام أهل السنة بالزندقة، والإكثار من الألفاظ التكفيرية لا يدل على هوايتك للتكفير فمتى سيكون التكفير عند هواية إذاً؟!!
وما تسرعك في التكفير إلا ثمرة من ثمار وقاحتك وسفاهتك، حيث لا ترعوي من الطعن في علماء السنة، وسبهم بأقبح الأوصاف، ومن طالع مقالاتك علم ما عليه حالُكَ، وما أنت فيه من ظلام حَالِكٍ.
فمن عناوين مقالات عماد فراج: «آخر ما هرف به الفوزان. هل كفر الفوزان. الألباني مات ولم يعرف دين الإسلام. تكفير الألباني وربيع. لعنة الله على الجامية. المداخلة ينقضون عرى الإسلام. المداخلة زنادقة(1). المداخلة زنادقة(2). حمار آخر من حمير المداخلة. المداخلة كفار.وقفة أخرى وأخيرة مع عبد ابن تيمية.
إسخان عين المداخلة. عصمة المدخلي. ما زال المدخلي ينبح. عندما يدافع المداخلة عن أبي جهل. 
دجال المنوفية. هل كفر ابن رسلان.المدخلي بين الصحو والمحو.جهمية ربيع المدخلي (1).جهمية ربيع المدخلي (2).قاتل الله المداخلة ما أظرفهم.مشابهة المداخلة لليهود
بدع وضلالات الألباني موثقة. رقاعة ربيع المدخلي.نباح ربيع المدخلي.حمير ربيع المدخلي.جحش المدخلي.طوام أخرى لأحمد شاكر.ضلال المعاصرين وجهل أتباعهم.الجامية يهود القبلة».
هذه عناوين مقالاته فما بالك بمحتوياتها وما فيها من هواية التكفير والسب والشتم.

4- قال عماد فراج -ناقلاً كلام بعض خصومه فيه ممن هم على شاكلته من الحدادية لكنهم لم يبلغوا مرحلته في الغلو-: «.. فهو لا يكفر ابن تيمية فحسب، بل يكفر أيضاً البخاري والطبري وأحمد بن حنبل، فالتكفير دأبه، ولعله يعلن فيما بعد عن تكفيره للصحابة..»، ثم استنكر عماد فراج نسبة تكفير أحمد والبخاري والطبري إليه.

التعليق من وجوه:
الوجه الأول: عاد عماد فراج للتصريح بتكفيره لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، مما يدل على عناده وإصراره على هذه الجناية.
الوجه الثاني: الطريقة التي سلكها عماد فراج في التكفير باللازم لا شك أنها توصل إلى تكفير الأئمة ثم تكفير الصحابة رضي الله عنهم كما فعل الخوارج لما كفَّروا علياً رضي الله عنه لظنهم أن تحكيم الرجال حكم بغير ما أنزل الله، واعتقدوا أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر فكفروا علياً رضي الله عنه وكلَّ من رضي بالتحكيم.
الوجه الثالث: تبرأ عماد فراج من تكفير الإمام ابن جرير الطبري والإمام أحمد مع أنه اتُّهِمَ بأمور كفَّر عماد فراج بها شيخَ الإسلام وغيره من العلماء، وهذا دال على تناقضه .
فمن الأمور التي كفربها عماد فراج شيخ الإسلام : مسألة عدم تكفير المعين من الجهمية إلا بعد قيام الحجة.
وقد ثبت عن الإمام أحمد أنه ترحم على المعتصم بالله العباسي، وكان جهمياً، وهو من أمر بتعذيب الإمام أحمد، وما انتشرت شوكة الجهمية إلا في زمنه وزمن ابنه الواثق، مع أن بداية فتنة الجهمية كانت في عصر المأمون، لكنه لم يعش بعد بداية الفتنة إلا وقتاً يسيراً.
فالإمام أحمد ما ترحم على المعتصم، وما جعله في حلٍّ إلا لأنه عذره بجهله، وكذلك رفض الخروج على الواثق، ولم يكفره، فعلى أصول عماد فراج: الإمام أحمد لا يكفر أحداً، ولا يكفر الجهمية، كما زعم ذلك في شيخ الإسلام ابن تيمية مع أن شيخ الإسلام مثل الإمام أحمد تماماً في إطلاق تكفير الجهمية، وفي تكفير بعض الأعيان.
وكذلك ابن جرير الطبري رحمه الله أقر عماد فراج بمعرفة أنه رحمه الله يفسر الكرسي بالعلم، ومنعه تفضيل آية على آية، وتأويل القدم للرب عز وجل، وغير ذلك، ومع ذلك لم يبدعه، ولم يكفره بل اكتفى بأنه لم يدرس حاله جيداً!!!
وهذا يدل على أن عماد فراج يكفر ويضلل بهواه، ولا يعتمد في ذلك على الأدلة، ولا على أصول وقواعد المنهج السلفي.

وبعدُ:
فبعد أن بينت ما في مقال عماد فراج من الفساد والضلال والتناقض، أذكر شبهات عماد فراج وافتراءاته على شيخ الإسلام رحمه الله وأكشف زيفها، وأفندها بحول الله وقوته.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
17/ رمضان / 1436 هـ

الهوامش والحواشي
([1]) رواه أبو داود في سننه (رقم4291)، والطبراني في المعجم الأوسط (رقم6527)، وابن عدي في الكامل (1/ 114 - المقدمة)، والحاكم في المستدرك (4/ 522)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 137)، وفي مناقب الشافعي (1/ 137)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن وغوائلها» (رقم364)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 61 - 62)، والهروي في ذم الكلام (رقم1107)، وابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» (ص/51 - 52)، والمزي في تهذيب الكمال (12/ 412، 24/ 364)، وابن حجر في توالي التأسيس (ص/ 46) وغيرهم من طرق عن عبدالله بن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل ابن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - به مرفوعا. وسنده صحيح.
وصححه العراقي والحاكم - كما في فيض القدير (2/ 281) -، والسخاوي في المقاصد الحسنة (ص/238)، والألباني في الصحيحة (رقم 599) بل قال السيوطي - كما في عون المعبود (4/ 182) -: «اتفق الحفاظ على أنه حديث صحيح».

([2]) رواه البخاري (4/ 189رقم3560)، ومسلم (4/ 1813رقم2327).

([3]) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين(2/ 130 سؤال224).