( التلبيس الاول ) مسالة .. هل الالباني وافق قوله قول المرجئة ؟؟؟
======================
ما حكم استعمال عبارة فلان وافق قوله قول المرجئة ؟؟
هذه العبارة موهمة تحتمل معنيين .
المعني الأول : الموافقة لفظاً ومعنى
المعني الثاني الموافقه لفظاً فقط .
لذالك فإن السلفيين لا يقولون هذه العبارة فيمن وافق قوله قول أحد من أهل
البدع لفظاً فقط ، وقد تجدهم يقولونها فيمن وافق قوله قول أهل البدع لفظاً
ومعنى .
وأقول : أنما يعبر العلماء بهذا التعبير وذاك ، فيمن وافق قوله
قول أحد من أهل البدع ، موافقة حقيقية أي لفظاً ومعنى ، كالذي وافق
الجهمية في مسألة ، واعتقد فيها ما يعتقدون ، وقال فيها بقولهم ، فهذا يقال
فيه قال بقول الجهمية ، أو وافق قوله قول الجهمية .
أما لو تكلم عالم
من العلماء في مسألة بكلمة موهمة ، قد تكلم بها أهل البدع ، ولم يعتقد فيها
ما يعتقدون ، وإنما قال بقولهم لفظاً فقط ، لا معنى ، فهذا لا يقال فيه
مثل هذه التعبيرات .
وهذا مثل الشيخ الألباني وهو معروف بالسنة والدفاع
عنها ، فقد قال رحمه الله كلمة موهمة ، قد تكلم بها المرجئة وهي ( العمل
شرط كمال في الإيمان ) فهذه الكلمة تحتمل معنيين ، حق وباطل ، الأول : شرط
كمال واجب ، يجعل العمل داخل مسمى الإيمان ، وهو الحق ، والثاني : شرط كمال
مستحب ، يجعل العمل خارج مسمى الإيمان ، وهذا باطل ، وهو قول المرجئة ،
ولتفسير هذه الكلمة الموهمة التي تكلم بها الشيخ رحمه الله ، لا يرجع إلى
أصول المرجئة وقواعدهم ، وإنما يرجع إلى أصول الشيخ نفسه وقواعده هو رحمه
الله في مسألة الإيمان ، وقد عرف الإيمان بأنه قول وعمل ، وأصوله في
المسألة وغيرها أصول سلفية ، فتبين أن مقصده من الكلمة المعنى الأول الصحيح
،
والعلماء يقولون (( أخطأ )) رحمه الله في استعمال تلك الكلمة الموهمة ، ولو كان يقصد بها معناً صحيحاً.
ولا يقولون عنه (( وافق المرجئة )) ، لأنها كلمة موهمة واستعمال الألفاظ
الموهمة ، خاصة هذه اللفظة في حق الألباني ، هو شأن الحدادية يبدأون بها ،
ثم ينتهي حالهم إلى وصفه بالإرجاء صراحة ، أو ما هو أشد من ذلك.
نسأل الله السلامة والعافية
أما أهل السنة فيعتقدون أن الألباني من علماء أهل السنة المتأخرين وانه
اخطأ في قوله العمل في الإيمان شرط كمال خطئاً لفظيا حيث انه يقرر خلاف ذلك
في غير موطن , وصرح رحمه الله أكثر من مرة بأن الإيمان لا ينفع بلا عمل
كما في شرحه على الأدب المفرد وهو مشهور .....
فأهل السنة لا
يتابعون الشيخ الألباني في خطئه ويحفظون مكانته ويقررون لطلبة العلم أن
العمل من الإيمان ركن وليس بشرط – لا كمال ولا صحة- وإنما ركن , وجزء حقيقي
فيه يزول بزواله بالكلية .
ولكن لا يُقال أن الألباني رحمه الله قد
أخرج العمل من مسمّى الإيمان !! بقوله هذا , فإن لازم القول ليس بقول ما لم
يلتزمه قائله – كما هو مؤصل عند أهل السنة .
وكيف نرمي الألباني
بهذا وهو يصرّح بأن العمل من الإيمان ويزيد وينقص , ويردّ على مرجئة
الفقهاء , ويؤكد على أن الخلاف معهم خلافا حقيقيا وليس لفظيا , سبحانك ربي
هذا بهتان عظيم .
وقد سبق الألباني فيما في لفظه احتمال -وبعضه صريح
جدا ! - أن الإيمان يصح بدون أعمال الجوارح , أئمة فحول وعلماء عدول , منهم
:الحافظ بن حجر ..قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله :
"
وَالْكَلَام هُنَا فِي مَقَامَيْنِ : أَحَدهمَا كَوْنه قَوْلًا وَعَمَلًا ،
وَالثَّانِي كَوْنه يَزِيد وَيَنْقُص . فَأَمَّا الْقَوْل فَالْمُرَاد
بِهِ النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَأَمَّا الْعَمَل فَالْمُرَاد بِهِ
مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ عَمَل الْقَلْب وَالْجَوَارِح ، لِيَدْخُل
الِاعْتِقَاد وَالْعِبَادَات . وَمُرَاد مَنْ أَدْخَلَ ذَلِكَ فِي تَعْرِيف
الْإِيمَان وَمَنْ نَفَاهُ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْد
اللَّه تَعَالَى ، فَالسَّلَف قَالُوا هُوَ اِعْتِقَاد بِالْقَلْبِ ،
وَنُطْق بِاللِّسَانِ ، وَعَمَل بِالْأَرْكَانِ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ
الْأَعْمَال شَرْط فِي كَمَالِهِ . وَمِنْ هُنَا نَشَأَ ثَمَّ الْقَوْل
بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْص كَمَا سَيَأْتِي . وَالْمُرْجِئَة قَالُوا :
هُوَ اِعْتِقَاد وَنُطْق فَقَطْ . وَالْكَرَامِيَّة قَالُوا : هُوَ نُطْق
فَقَطْ . وَالْمُعْتَزِلَة قَالُوا : هُوَ الْعَمَل وَالنُّطْق
وَالِاعْتِقَاد وَالْفَارِق بَيْنهمْ وَبَيْن السَّلَف أَنَّهُمْ جَعَلُوا
الْأَعْمَال شَرْطًا فِي صِحَّته وَالسَّلَف جَعَلُوهَا شَرْطًا فِي
كَمَالِهِ . " اهـ فتح الباري , الجزء الأول ص9
وقال الإمام محمد بن إسحاق بن يحي بن منده 310 - 395 هـ -
" ذكر اختلاف أقاويل الناس في الإيمان ما هو « فقالت طائفة من المرجئة :
الإيمان فعل القلب دون اللسان ، وقالت طائفة منهم : » الإيمان فعل اللسان
دون القلب ، وهم أهل الغلو في الإرجاء « ، وقال جمهور أهل الإرجاء : »
الإيمان هو فعل القلب واللسان جميعا « ، وقالت الخوارج : » الإيمان فعل
الطاعات المفترضة كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح « ، وقال آخرون : »
الإيمان فعل القلب واللسان مع اجتناب الكبائر « ، وقال أهل الجماعة : »
الإيمان هي الطاعات كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح غير أن له أصلا
وفرعا فأصله المعرفة بالله والتصديق له وبه وبما جاء من عنده بالقلب
واللسان مع الخضوع له والحب له والخوف منه والتعظيم له مع ترك التكبر
والاستنكاف والمعاندة ، فإذا أتى بهذا الأصل ، فقد دخل في الإيمان ، ولزمه
اسمه ، وأحكامه ، ولا يكون مستكملا له حتى يأتي بفرعه ، وفرعه المفترض عليه
، أو الفرائض واجتناب المحارم ، وقد جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال : « الإيمان بضع وسبعون أو ستون شعبة أفضلها شهادة أن لا إله
إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان » ،
فجعل الإيمان شعبا بعضها باللسان والشفتين وبعضها بالقلب وبعضها بسائر
الجوارح « . فشهادة أن لا إله إلا الله فعل اللسان تقول شهدت أشهد شهادة
والشهادة فعله بالقلب واللسان لا اختلاف بين المسلمين في ذلك والحياء في
القلب وإماطة الأذى عن الطريق فعل سائر الجوارح » " اهـ كتاب الإيمان لابن
منده , الجزء الأول صفحة209-
فها هو الإمام الحافظ ابن حجر رحمه
الله يقول أن السلف جعلوا العمل شرطا في كمال الإيمان , وذكر ذلك في أشهر
كتب السنة وهو كتابه المشهور " فتح الباري " , وذلك منذ قرون طويلة , ولم
نسمع أحدا من العلماء يرميه بأنه يقول بقول المُرجئة بسبب هذا !!! , غاية
ما هنالك أنهم قالوا أن هذا خطأ محض .
وها هو الإمام ابن منده رحمه
الله يقول من قال بلسانه وآمن بقلبه فقد دخل في الإيمان , وحقق أصل الإيمان
ولزمه اسمه وأحكامه , وأنه لا يستكمله إلا بفرعه وهو عمل الجوارح مما
افترض عليه فهل هو مُرجئ ؟؟
أو هل قال بقول المُرجئة ؟؟!!
وقد يقول قائل : كلام الإمام بن حجر وابن منده هذا عام ومطلق , ولكن لهما كلام آخر واضح كالشمس يبيّن المقصود
قلت : وكذلك الألباني رحمه الله له كلام آخر واضح كالشمس يبيّن مقصوده رحمه الله !
فوجب حمل كلامه على أحسن المحامل , خاصة وأنه إمام في السنة , يؤصّل لمذهب
أهل السنة ويردّ على خصومهم من أهل الإرجاء قديما وحديثا...
أما
الحدادية - فيقولون الألباني وافق قوله قول المرجئة ويسكتون .. ولا يبينوا
معني الموافقة - هل وافقهم في اللفظ ؟... فنقول أخطأ..... أم وافقهم لفظا
ومعني فهذا لم يقل به إلا القطبيين والتكفيريين من أمثال محمد عبدالمقصود
وفوزي السعيد .
فعلي قاعدتكم فقد وافق قولكم قول القطبيين والتكفيريين .
ثم تراهم يسوقون قول الشيخ اللحيدان والشيخ الغديان ووو ......
والسؤال!! هل من ذكرتم من العلماء يتهمون الألباني أنه يقول بقول المرجئة
وان خطأه عقدي ..وليس بلفظي , أم يبينون خطأه في هذه اللفظة ولا يسقطونه
ويعتذرون له بأفضل المعاذير ويعدونه إماما من أئمة السنة ؟؟
ثم لم الإصرار علي لفظة فرقت أهل السنة ولم تجمعهم إلا أن يكون وراءه شيئا تخفونه ..
يقول شيخنا أبو عمار علي الحذيفي - أثابه الله - :
" والشيخ الألباني يعتبر محنة عند أهل السنة - السلفيين - فمن تكلم فيه أو
غمز فيه بأي نوع من الغمز - كأن يقول فيه : (مرجئ) أو (وقع في الإرجاء) أو
(وافق المرجئة) أو غيرها من العبارات - فهو منحرف عند السلفيين ؛ لأنه
يتكلم بدون علم ويتحدث عن الإرجاء وهو لا يعرف الإرجاء ولا المرجئة ، وعليه
التوبة إلى الله من غمزه - فضلا عن طعوناته - في الشيخ الألباني ، وهذا
الذي وقع فيه أخونا هشام البيلي - أسأل الله تعالى له الهداية والرجوع إلى
الصواب - " . اهــ
يقول الشيخ خالد بن عبد الرحمن بن زكي - حفظه الله -
لذلك إذا رأيت الرجل يقول عن الإمام الألباني أو غيره من أئمتنا أنه مرجىء
، أو أنه وافق قول المرجئة فاحذره ! ، فاحذره ! ، لأن هذا إما أن يكون
جاهلاً فيُعلَّم ، وإما أن يكون قاصدًا للطعن ! ؛ فهذا أشد وأنكى !
قال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - :
(من رمى الألباني بالإرجاء ، إما أنه لا يعرف الألباني ، وإما أنه لا يعرف الإرجاء .
--------------------------------
كتب / حسن بن محمد الصاوي